محمد عبده عثمان آل دهل العسيري والمعروف باسم محمد عبده مطرب سعودي ولد في قرية الدرب بمنطقة عسير الواقعة جنوب المملكة العربية السعودية في عام 1948م.
طفولته: توفي عنه والده وهو ما زال طفلاً . عاش طفولة فقيرة ومعوزة قضى جزءاً منها رباط خيري هو وشقيقه بمنحة من الملك فيصل بن عبد العزيز.
مسيرته الفنية
البدايات
بدأ محمد عبده رحلته الفنية بداية الستينات الميلادية عندما كان طالباً في المعهد الصناعي بجدة. انتقل من روما، مقر بعثته إلى بيروت، والتقى ب(عباس فائق غزاوي) الذي كان من ضمن مكتشفي صوت محمد عبده عندما غنى في الإذاعة في برنامج (بابا عباس) عام 1960م، بالإضافة إلى الشاعر السعودي المعروف (طاهر زمخشري).
سافر محمد عبده من جدة إلى بيروت برفقة الغزاوي وزمخشري، وهناك تعرف على الملحن السوري (محمد محسن) الذي أخذ من الزمخشري كلمات (خاصمت عيني من سنين) ليغني محمد عبده أغنية خاصة به بعد أن غنى الكثير من أغاني من سبقوه ومنها أغنية (قالوها في الحارة.. الدنيا غدارة)، سُجلت الأغنية.
عاد محمد عبده إلى جدة، وتعرف على الشاعر إبراهيم خفاجي الذي كان له تأثيراً واضحاً على حياة محمد عبده الفنية، والموسيقار طارق عبد الحكيم الذي قدم له لحناً من كلمات الشاعر المعروف (ناصر بن جريد) بعنوان (سكة التايهين) وغناها محمد عبده عام 1966م.
تجربة التلحين
خاض محمد عبده أول تجربة تلحين في أغنية (خلاص ضاعت أمانينا)، وقدمها على العود والإيقاع دون أي توزيع موسيقي، وكان نجاح هذا اللحن تشجيعاً لمحمد عبده على خوض التلحين الذاتي أكثر. فقام بتلحين أغنية (الرمش الطويل) للشاعر إبراهيم خفاجي عام 1967م، ووزعت هذه الأسطوانة ثلاثين ألف نسخة، وانتشرت في جميع أرجاء السعودية، ودول الخليج المجاورة، ولبنان. وبعد ذلك لحن أغنية (لنا الله) التي غناها قبله (طارق عبدالحكيم) وهي من كلمات (إبراهيم خفاجي) عام 1967م.
مسرح التلفزيون
قبل بدء الإرسال التلفزيوني عام 1965م، كان مسرح التلفزيون هو المكان الإذاعة، حيث تعاون محمد عبده مع الأمير (عبد الله الفيصل) في أغنية بعنوان (هلا يابو شعر ثاير) من ألحان محمد عبده.و قد كان نيرا جدا في عمله
السبعينات
شهدت فترة السبعينات العديد من النجاحات في مسارح عدد من البلاد مثل (الكويت، قطر، لبنان، الإمارات، ومصر) حيث الانطلاقة الأكبر ليصبح محمد عبده سفيراً للأغنية السعودية، وتطور الحال إلى أن أصبح سفيراً للأغنية الخليجية ثم للجزيرة العربية كلها، بعد طرقه ألوانا غنائية من مختلف مناطق المملكة والخليج العربي والجزيرة العربية ككل، حتى أصبح يلقب محمد عبده باسم (مطرب الجزيرة العربية) أو (فنان الجزيرة العربية).
تعرف محمد عبده على الأمير الشاعر (خالد الفيصل) الذي قدم له قصائد نبطية مثل (يا صاح، أيّوه، سافر وترجع، وغيرها)، وغنى محمد عبده معها ألوانا أخرى مثل السامري. هذه الألوان الصعبة من كلمات أيضا انتشرت في كل مكان خارج نطاق الجزيرة العربية بعد أن انتشرت داخلها.
بعد ذلك جاءت رائعة (أبعاد)، وتعاون مع الشاعر الكويتي الراحل (فائق عبد الجليل) وألحان كويتية أيضا من الملحن الكبير (يوسف المهنا)، لتخرج محمد عبده من نطاق العالم العربي، فقام مطرب إيراني بترجمة معاني هذه الأغنية بنفس اللحن وقدمها بصوته, وقام آخر هندي بترجمتها أيضا، بالإضافة إلى فرقة عربية قامت بغناء هذه الأغنية مثل (عائلة البندري)، ناهيك عن الفرق الغربية في اليونان وتركيا وعدد من دول أوروبا الذين قاموا بغناء أغنية (ابعاد).
في اليمن عام 1976م، سافر محمد عبده إلى صنعاء للمشاركة مع جمهوره في اليمن في احتفالات اليوم الوطني، حيث قدم الفنان اليمني المعروف (محمد مرشد ناجي) لحنا للأغنية الرائعة (ضناني الشوق)، ومن كلمات الشاعر (مهدي حمدون)، حينها قام محمد عبده بتوزيع هذه الأغنية موسيقيا بمختلف الآلات الحديثة، عندها نصحه محمد مرشد ناجي بعدم المخاطرة، حيث أن الجمهور اليمني لا يتقبل الأدوات الموسيقية الأخرى، فقط العود والإيقاع في لحن مثل هذا، لكن محمد عبده أصر على دخول هذه التجربة وتكللت بالنجاح الكبير، حتى أن أحد المسؤولين في اليمن أوضح بأنه لم يكن يعتقد أن يأتي فنا من خارج اليمن، يُقنع الجمهور اليمني بهذه الآلات الحديثة، وخاصة أن الجمهور اليمني جمهور متذوق للفن العربي بدرجة أولى، ولكن محمد عبده غنى هذا اللحن الصعب فعلا.
كانت هناك حفلة في صيف القاهرة، وكان من المفترض أن يغني محمد عبده قبل فقرة الفنانة الكبيرة وردة الجزائرية، وقد قام متعهد الحفل آنذاك (جلال معوّض) بتقديم النصائح للفنانة وردة بالغناء قبل محمد عبده، لكنها لم تستمع إلى تلك النصيحة، وقالت بأن لها جمهورها وعشاقها، وبعد انتهاء فقرة محمد عبده، همّ الناس بالخروج وغادرت الجماهير بكثافة، ودخلت الفنانة وردة على المسرح واستقبلها جمهور ضئيل، لذلك لم تغن وردة سوى أغنية واحدة، غادرت بعدها مكان الحفل، ثم سافرت إلى أوروبا، وقطعت علاقتها فورا بالمتعهد (جلال معوّض)، رغم أنه قام بتقديم النصح لها. لذلك استحق محمد عبده لقب مطرب وفنان الجزيرة العربية، وهكذا انتهت فترة السبعينات بكل هذه النجاحات المتواصلة، في وقت كان العمالقة في مصر يقدمون روائعهم مثل (أم كلثوم وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ).
قبل انتهاء فترة السبعينات الميلادية، قام الفنان محمد عبده بخوض تجربة الأغنية الطويلة مع مهندس الكلمة الأمير (بدر بن عبد المحسن) وذلك في أغنية (في أمان الله) أو (الرسايل) التي قدمها على مسارح القاهرة صيف عام 1974م، ثم قدمها على مسرح التلفزيون بالرياض في عيد الفطر عام 1394هـ، وحققت هذه الأغنية نجاحا منقطع النظير، مما شجع الفنان محمد عبده إلى غناء أغنية (خطأ)، وهي أيضا من كلمات البدر. وعودة إلى أواخر السبعينات، وتعاون جديد لسامي إحسان مع محمد عبده وأغنية بعنوان (سهر) و (قلب تلوعه) والرائعة (انت محبوبي) ثم (مالي ومال الناس) التي انتشرت بين الناس بطريقة غريبة.
وبعد ذلك شهدت تلك الفترة تعاونات مع الملحن الموسيقار السعودي (محمد شفيق) وذلك من خلال أغنية (يقول المعتني - آه وآهين)، لذلك أنهى محمد عبده فترة السبعينات بالأغنية القصيرة وبألحان ليست له، بعد أن قدم أفضل باكورة ألحانه في أغاني عديدة مثل (فمان الله، شفت خلي، خطأ، هيّا معي، ردي سلامي، أيوه) وغيرها.
جاء القرار بإدخال النسخة الأصلية والابتعاد نهائيا عن أشرطة الكاسيت المسجلة، عندها تحوّل الأستوديو الخاص بمحمد عبده الكائن في حي النزلة بجدة والذي قام بإنشائه عام 1977م إلى مؤسسة صوت الجزيرة للإنتاج والتوزيع الفني، وقام بإصدار (23) شريط، هي أول نواة لهذا الإنتاج وضمت العديد من الحفلات مثل (حفلة القاهرة، الرياض، صبيا، لوس انجلوس)، والأخيرة هي التي رافق فيها محمد عبده بعثة المنتخب السعودي عام 1984م إلى لوس انجلوس، الذي تأهل للاولمبياد آنذاك.
فاجأ فنان العرب الجمهور بشعبيات ضمت أغاني من التراث وهي (الناس عليك يا ريم، لك الله يا غريب، طاب طاب الأوان، أنورت سودة عسير)، بعد أن قدّم محمد عبده الطرب الأصيل كما هو دون أي خدش، مع فرقة موسيقية مصغّرة سجلها في أستوديو صوت الجزيرة في جدة، عرف الجمهور بأن الأرقام من (1) إلى (20) سوف تكون خاصة بالأغاني الشعبية من تراث كافة مناطق المملكة والجزيرة العربية، وأخذ محمد عبده يقدمها بأرقام عكسية التسلسل فمثلا (20، 19، 18) وهكذا وكلها تحمل اسم شعبيات، عندها أعلن محمد عبده بأنه فنان شامل يقدم الأغاني المطورة، والأغاني التراثية الشعبية، وكذلك يقدم الأغاني الطويلة ذات المقاطع فبعد (فمان الله - وانتهاء بليلة خميس - مرورا بخطأ - شفت خلي - هيّا معي - أيّوه)، جاءت رائعة محمد عبده الخيالية (صوتك يناديني) من كلمات مهندس الكلمة ومن ألحان محمد عبده، بالفعل رائعة جديدة، أوضحت فعليا نجاح محمد عبده كمطرب ومؤدي وملحن وفنان شامل.
أقيمت حفلة في دولة تونس، وأطلق عليه الرئيس التونسي حينها (الحبيب بو رقيبة) لقب (فنان العرب) عبر تلك الحفلة في منتصف الثمانينات، ليقدم الجديد بعدها، ومنها دخوله للتعاون مع الملحن الدكتور عبد الرب إدريس، الذي قدّم لمحمد عبده إنتاجات رائعة مثل (محتاج لها، جيتك حبيبي)، بعد ذلك (أبعتذر)، ثم (كلك نظر)، حيث تأثر الملحن الكبير عبد الرب إدريس بفنان العرب محمد عبده وبأسلوبه، بدلا من أن يتأثر المغني بالملحن في معادلة عكسية لا تتم إلا مع فنان في وزن محمد عبده الفني.
لكن فنان العرب وضّح للجميع الفارق ما بين الأغاني الخفيفة الجيدة التي تعتمد على الإبداع الفني والأغاني الجيدة عن أسلوب الإبداع، ولإخفاء عيوب الصوت والأداء وضعف الإمكانات الصوتية، وهذا درس رائع قدمه فنان العرب محمد عبده للجميع بعد أن بدأت هذه الظاهرة في الانتشار بشكل مكثف.
في نفس الوقت طرح محمد عبده ألبوما يحمل اسم (وهم، العقد، إنت معاي)، وقام بغناء العديد من الأغاني من ضمنها ما ذكرت في الألبوم الأخير في حفل فني ناجح في مدينة جنيف السويسرية صيف 1988م، وذلك في أثناء الكرنفال السنوي الخاص بها، علما بأن هذه الحفلة تم طبعها عبر شريطين فيديو، وحققا نجاحا وانتشارا كبيرا في أرقام قياسية في التوزيع بعد أرقام التوزيع لأشرطة الكاسيت السمعية.
تعاون محمد عبده مع الأمير الشاعر محمد بن راشد، من دولة الإمارات بشريط بعنوان (يا مرحبا يا معنّى), بعد ذلك قدم محمد عبده الأغنية الوطنية المعروفة فوق هام السحاب من كلمات الأمير عبد المحسن، وذلك عام 1988م، وذلك مع افتتاح درة الملاعب استاد الملك فهد. فأبهرت الجميع و هذا النجاح شجع محمد عبده إلى تقديمها عبر حفلاته إلى يومنا هذا.
توقف الفنان محمد عبده عن الغناء في الحفلات لمدة ثمان سنوات، كما توقف عن إصدار الألبومات الجديدة، حيث كان ألبوم (أرفض المسافة) هو الألبوم الأخير له رغم أنه قبل توقفه هذا قام بعمل موسيقي لإحدى أهم الأعمال له وهي (البرواز) وكذلك قصيدة (أنشودة المطر) من شعر بدر شاكر السياب، حيث أنه قام بتجهيز هذين العملين ولكن أزمة الخليج أجلت كل هذا، وبحصول كافة الأحداث المختلفة ألغى محمد عبده كافة حفلاته لعام 1990م، وبالتالي قام بتأجيل طرح ألبومي (البرواز وأنشودة المطر)، رغم انتهاء تسجيل الموسيقى وتركيب الصوت، لكن ما حدث في منطقة الخليج ألغى كل هذا